الحق في الغذاء- جريمة إسرائيلية مكتملة الأركان في غزة

المؤلف: مي خالد08.26.2025
الحق في الغذاء- جريمة إسرائيلية مكتملة الأركان في غزة

إن الحق في الغذاء يشكل ركيزة أساسية من ركائز حقوق الإنسان، فهو يتجاوز مجرد توفير كمية كافية من الطعام؛ بل يستلزم الحصول على غذاء ملائم ومتنوع، يتماشى مع الاحتياجات الثقافية للفرد، لضمان حياة صحية ومفعمة بالنشاط. هذا الحق، الذي تم الإقرار به في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة في عام 1948، وتعزيزه في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966، ظل مهملاً وغائباً عن صميم صناعة السياسات الدولية.

الأمر المثير للدهشة والاستغراب، أنه في عام 2021، وقفت الولايات المتحدة وإسرائيل وحدهما في معارضة مسودة لجنة الأمم المتحدة التي تشدد على أن الحق في الغذاء هو حق أصيل من حقوق الإنسان.

وها نحن في عام 2025، وقد انكشف لنا الستار عن الدوافع الخفية وراء هذا التصويت المعارض.

إن رفض إسرائيل التوقيع على هذه المسودة كان بمثابة إعلان واضح عن نيتها المبيتة وعزمها الراسخ على تنفيذ جريمة الإبادة الجماعية المروعة التي نشهد فصولها المأساوية في غزة.

ففي سياق الحركات الاستعمارية، لا يقتصر الأمر على القصف والتدمير والقتل العشوائي، بل يتجاوزه إلى تجويع السكان الأصليين وتعريضهم للموت البطيء. هذا هو الدرس الذي تعلمنا إياه صفحات التاريخ الاستعماري الملطخة بالدماء، حيث قضى الملايين جوعاً في البنغال، وفي أراضي الأمريكتين، وفي ربوع أفريقيا.

إن فعل التجويع يعتبر ضرباً من ضروب القتل، ولكنه أشد فتكاً وتدميراً، لأنه يستهدف الإنسان في أسمى مستويات وجوده، ويقضي على هويته الثقافية.

لأن إطعام وإعانة الناس يمثل جزءاً لا يتجزأ من النسيج الأخلاقي والثقافي الذي يميز البشر.

وفي هذا السياق المأساوي، تطلق وزارة الصحة في غزة صرخة استغاثة مدوية، قائلة: «إن أعداداً غير مسبوقة من الجوعى، من مختلف الأعمار، تتدفق على أقسام الطوارئ، وهم في حالة من الإنهاك الشديد والتعب الذي لا يوصف. ونحذر من أن المئات ممن ذبلت أجسادهم وأنهكها الجوع سيواجهون حتمية الموت، بسبب تجاوز قدرة أجسادهم على الاحتمال والصمود».

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة